الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.تفسير الآية رقم (245): .مناسبة الآية لما قبلها: .قال البقاعي: وقال الحرالي: القرض الجزّ من الشيء والقطع منه، كأنه يقطع له من ماله قطعة ليقطع له من ثوابه أقطاعًا مضاعفة، والقرض بين الناس قرضًا بقرض مثلًا بمثل فمن ازداد فقد أربى ومن زاد من غير عقد ولا عهد فقد وفى، فالقرض مساواة والربا ازدياد، ووصف سبحانه وتعالى القرض الذي حرض عليه بالحسن لتكون المعاملة بذلة على وجه الإحسان الذي هو روح الدين وهو أن يعامل الله به كأنه يراه- انتهى. ولما كانت الأنفس مجبولة على الشحّ بما لديها إلا لفائدة رغبها بقوله مسببًا عن ذلك: {فيضاعفه} قال الحرالي: من المضاعفة مفاعلة من الضعف- بالكسر- وهي ثني الشيء بمثله مرة أو مرات، وأزال عنه ريب الاحتمال بقوله: {له} أي في الدنيا والآخرة. قال الحرالي: هذه المضاعفة أول إنبائها أن الزائد ضعف ليس كسرًا من واحد المقرض ليخرج ذلك عن معنى وفاء القضاء فإن المقترض تارة يوفي على الواحد كسرًا من وزنه، «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقترض قرضًا إلا وفى عليه زيادة، وقال: خير الناس أحسنهم قضاء» فأنبأ تعالى أن اقتراضه ليس بهذه المثابة بل بما هو فوق ذلك لأنه يضعف القرض بمثله وأمثاله إلى ما يقال فيه الكثرة؛ وفي قوله: {أضعافًا} ما يفيد أن الحسنة بعشر، وفي قوله: {كثيرة} ما يفيد البلاغ إلى فوق العشر وإلى المائة كأنه المفسر في قوله بعد هذا {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله} [البقرة: 261]، فأوصل تخصيص هذه الكثرة إلى المئين ثم فتح باب التضعيف إلى ما لا يناله علم العالمين في قوله: {والله يضاعف لمن يشاء} [البقرة: 261]- انتهى. اهـ. .قال ابن عاشور: .قال أبو حيان: .القراءات والوقوف: .القراءات: .الوقوف: .سبب النزول: فانطلق أبو الدحداح حتى جاء أم الدحداح وهي مع صبيانها في الحديقة تدور تحت النخل فأنشأ يقول: قالت أُم الدحداح: رَبِحَ بيعُك! بارك الله لك فيما اشتريت، ثم أجابته أُم الدحداح وأنشأت تقول: ثم أقبلت أُم الدحداح على صبيانها تُخْرج ما في أفواههم وتنفض ما في أكمامهم حتى أفضت إلى الحائط الآخر؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كم من عِذَقٍ رَدَاح ودار فَياح لأبي الدحداح». اهـ. .من أقوال المفسرين: .قال الفخر: الأول: أن هذه الآية متعلقة بما قبلها والمراد منها القرض في الجهاد خاصة، فندب العاجز عن الجهاد أن ينفق على الفقير القادر على الجهاد، وأمر القادر على الجهاد أن ينفق على نفسه في طريق الجهاد، ثم أكد تعالى ذلك بقوله: {والله يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ} وذلك لأن من علم ذلك كان اعتماده على فضل الله تعالى أكثر من اعتماده على ماله وذلك يدعوه إلى إنفاق المال في سبيل الله، والاحتراز عن البخل بذلك الإنفاق. والقول الثاني: أن هذا الكلام مبتدأ لا تعلق له بما قبله، ثم القائلون بهذا القول اختلفوا فمنهم من قال: المراد من هذا القرض إنفاق المال، ومنهم من قال: إنه غيره، والقائلون بأنه إنفاق المال لهم ثلاثة أقوال: الأول: أن المراد من الآية ما ليس بواجب من الصدقة، وهو قول الأصم واحتج عليه بوجهين: الأول: أنه تعالى سماه بالقرض والقرض لا يكون إلا تبرعًا. الحجة الثانية: سبب نزول الآية قال ابن عباس رضي الله عنهما: نزلت الآية في أبي الدحداح قال: «يا رسول الله إن لي حديقتين فإن تصدقت بإحداهما فهل لي مثلاها في الجنة؟ قال: نعم، قال: وأم الدحداح معي؟ قال: نعم، قال: والصبية معي؟ قال: نعم، فتصدق بأفضل حديقته، وكانت تسمى الحنينة، قال: فرجع أبو الدحداح إلى أهله وكانوا في الحديقة التي تصدق بها، فقام على باب الحديقة، وذكر ذلك لامرأته فقالت أم الدحداح: بارك الله لك فيما اشتريت، فخرجوا منها وسلموها، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: كم من نخلة رداح، تدلي عروقها في الجنة لأبي الدحداح». إذا عرفت سبب نزول هذه الآية ظهر أن المراد بهذا القرض ما كان تبرعًا لا واجبًا. والقول الثاني: أن المراد من هذا القرض الإنفاق الواجب في سبيل الله، واحتج هذا القائل على قوله بأنه تعالى ذكر في آخر الآية: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} وذلك كالزجر، وهو إنما يليق بالواجب. والقول الثالث: وهو الأقرب أنه يدخل فيه كلا القسمين، كما أنه داخل تحت قوله: {مَّثَلُ الذين يُنفِقُونَ أموالهم فِي سَبِيلِ الله كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ} [البقرة: 261] من قال: المراد من هذا القرض شيء سوى إنفاق المال، قالوا: روي عن بعض أصحاب ابن مسعود أنه قول الرجل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر قال القاضي: وهذا بعيد، لأن لفظ الإقراض لا يقع عليه في عرف اللغة ثم قال: ولا يمكن حمل هذا القول على الصحة، إلا أن نقول: الفقير الذي لا يملك شيئًا إذا كان في قلبه أنه لو كان قادرًا لأنفق وأعطى فحينئذٍ تكون تلك النية قائمة مقام الإنفاق، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من لم يكن عنده ما يتصدق به فليلعن اليهود فإنه له صدقة». اهـ. .قال أبو حيان:
|